السبت، 5 فبراير 2011

عمار بن ياسر - رجل من الجنه


بعدما عرفنا قصة مصعب بن عمر الصحابي الذي كانت روحه المتأنقة بسمو العقيدة والمتألقة بنور الله، كانت قد جعلت منه إنسانا آخرا يملأ الأعين جلالا، والأنفس روعة الآن احضرت لكم قصة جديدة من كتاب رجال حول الرسول عليه الصلاة والسلام، للكاتب خالد محمد خالد، عن الصحابي عمار بن ياسر.

لو كان هناك أناس يولدون في الجنة، ثم يشبون في رحابها ويكبرون، ثم يجاء بهم إلى الأرض ليكونوا زينة لها، ونورا لكان «عمار» وأمه «سمية» وأبوه «ياسر» من هؤلاء.. ولكن لماذا نقول: لو.. ولماذا نفترض هذا الافتراض، وقد كان آل ياسر من أهل الجنة فعلا؟

خرج ياسر بن عامر، والد «عمار» من بلده في اليمن يطلب أخاه له، ويبحث عنه وفي مكة طاب له المقام، فاستوطنها محالفا أبا حذيفة بن المغيرة، وزوجة ابو حذيفة احدى اكائه «سمية بنت خياط»، ومن هذا الزواج المبارك رزق الله الأبوين «عمار» وكان إسلامهم مبكرا، شأن الابرار الذين هداهم الله، وفي شأن الأبرار المبكرين أيضا، أخذوا نصيبهم الأوفى من عذاب قريش وأهوائها!

ولقد وصف أصحاب «عمار بن ياسر» العذاب الذي نزل به في أحاديث كثيرة، فيقول عمرو بن الحكم: كان عمار يعذب حتى لا يدري ما يقول، اما عمرو بن ميمون فقالك أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يمر به، ويمر يده على رأسه ويقول:«يا نار كوني بردا وسلاما على عمار، كما كنت بردا وسلاما على ابراهيم»، على ان ذلك الهول كله لم يكن ليفدح روح عمار، وان فدح ظهره ودغدغ قواه ومنذ ساعات كان «عمار» يغرد بينهم فوق أرض المعركة، تملأ نفسه غبطة الغريب المضني يزف إلى وطنه وهو يصيح: «اليوم ألقى الأحبة، محمدا وصحبه»، أكان معهم اليوم على موعد يعرفه، وميقات ينتظره، وأقبل بعض الأصحاب على بعضهم يتساءلون قال أحدهم لصاحبه: أتذكر أصيل ذلك اليوم بالمدينة ونحن جالسون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وفجأة تهلل وجهه وقال: «اشتاقت الجنة لعمار»..؟ قال له صاحبه: نعم، ولقد ذكر يومها آخرين منهم سيدنا علي رضي الله عنه، وسلمان، وبلال.. اذن فالجنة كانت مشتاقة لعمار، فقد طال شوقها إليه، وهو يستمهلها حتى يؤدي كل تبعاته، وينجز آخر واجباته، وقد أداها في ذمة وأنجزها في غبطة، أفما آن له ان يلبي نداء الشوق الذي يهتف به من رحاب الجنان، بلى آن له ان يلبي النداء، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان، وهكذا ألقى رمحه ومضى..

وحين كان تراب قبره يسوى بيد أصحابه فوق جثمانه، كانت روحه تعانق مصيرها السعيد هناك، في جنات الخلد التي طال شوقها «لعمار».

هكذا كان عمار بن ياسر، وكيف تحمل التعذيب لأجل الرسول عليه الصلاة والسلام اللهم اجعلنا من أصحاب الجنة.. اللهم آمين.



النغزة :قال الله تعالى: «أم حسبتم ان تدخلوا الجنة، ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين».





6-9-2010 بجريدة عالم اليوم

ليست هناك تعليقات: