الأربعاء، 10 أغسطس 2011

القلق النفسي فى فترة الطفولة


القلق النفسي فى أغلب الأحوال يكون نتيجة لانفعال نفسي شديد، أحدثته مواقف معينة وهذا القلق النفسي إذا حدث للإنسان فى طور الطفولة، يسبب على المدى القريب والمدى البعيد أيضا - انحرافا فى التفكير، يؤدي بالإنسان إلى تبني أفكار خاطئة وبالتالي اتخاذ قرارات خاطئة، والقلق في فترة الطفولة يسبب جراحا نفسية عميقة تظل موجودة لا تندمل، تنتج عنها عقد نفسية تسكن فى اللاشعور، إلا أنها تتحين الفرص فى المستقبل للظهور والتعبير عن نفسها تعبيرا منحرفا ..
ونجد مثالا على ذلك إيثار الآباء لبعض الأبناء على بعضهم الآخر، وقد يؤدي هذا إلى تكوين عقدة نفسية دفينة فى الأبناء غير الأثيرين لدي الآباء، وتكون السبب فى اتجاهات فكرية ونفسية غير صحيحة، وهذا ما حدث فى قصة النبي يوسف عليه السلام وإخوته.
لقد أحب النبي يعقوب ابنه يوسف وقد فهم إخوة يوسف حب أبيهم له فهما خاطئا، ولم يفهموا أنه كان يحبه ويؤثره لصغر سنه وضعف صحته، لذلك نشأت فى نفوسهم روح الغيرة والكراهية ليوسف، وأدى ذلك إلى توصلهم إلى قرار خاطئ وهو ضرورة التخلص من يوسف عليه السلام، يقول الله عز وجل :«اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين» (يوسف 9)، ثم تهدأ ثورة الغيرة فى نفوسهم وتظهر آثار غريزة حب الأخ لأخيه، فيقول الله تعالى: «قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه فى غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين» (يوسف 10) فألقوه فى الجب ولم يقتلوه ..
وتمر الأيام ويبيع الناس يوسف لعزيز مصر الذي أحبه، وتمر الأيام حتى يشاء الله تعالى أن يتبوأ النبي يوسف منصبا رفيعا فى مصر، وهو «الأمين على خزائن مصر» وكان العبرانيون ومنهم إخوته يقصدون مصر لشراء القمح، فدخلوا عليه ليبيع لهم القمح فعرفهم وهم لم يعرفوه ولم يخطر ذلك لهم على بال قط فقد ظنوا أنه مات وانتهى أمره منذ زمن بعيد، وأراد يوسف أن يستبقي أخاه الشقيق بنيامين، فاتهمه بالسرقة ليكون ذلك ذريعة لاستبقائه، وهنا ثارت عقدة الغيرة والكراهية والحقد القديمة فى نفوس إخوة يوسف، وعبرت عن نفسها فقالوا ليس ذلك بمستبعد فقد كان أخوه يسرق من قبل، قال الله يحكي عنهم : «قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف فى نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون» «يوسف 76».
وهكذا ظلت عقدة الغيرة والكراهية فى نفوس إخوة يوسف سنوات عديدة، وكان ذلك بسبب اعتقادهم الخاطئ أن أباهم يؤثره عليهم .. إلى أن شفاهم الله من تلك العقدة الدفينة، وذلك بإحداث صدمة نفسية متساوية فى القوة إلا أنها مضادة للعقيدة القديمة، نبهتهم إلى أنهم كانوا مخطئين فى سوء ظنهم بأبيهم، وأدركوا أن أباهم لم يؤثر أخاهم يوسف عليهم، بل الله تعالى هو الذي آثره عليهم قال الله تعالى يحكي عنهم: «قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين» «يوسف 91، 92»، وبهذه الآيات يسدل الستار على مثل حي ذكره القرآن الكريم عن إخوة النبي يوسف عليه السلام، مثل من أمثلة العقد النفسية الرهيبة التى تستقر فى نفس الإنسان منذ الطفولة بسبب قلق نفسي شديد يصاب به في ذلك العمر الصغير، من كتاب الروح للدكتور أحمد شوقي إبراهيم ..

النغزة

إن الذي يبحث عن صديق خال من العيب فإنه سيظل دون صديق مدى الحياة.

ليست هناك تعليقات: